CP10 Arabic translation

جوين:
أنا في غاية السرور لتقديم الطبيب النفسي ومعالج الأسرة من الناصرة حيث يعمل في مشفى الناصرة ومساعد مؤسس
للجمعية النفسية العربية وشبكة الصحة النفسية العالمية في فلسطين. من دواعي سروري تقديمك مصطفى. وأريد
الإضافة إلى أن مصطفى هو شاعر ناشر وسيقوم بقراءة قصيدتان من كتابته في النهاية. شكراً مصطفى. تفضل.
مصطفى:
صباح الخير جميعاً، أنا يسعدني ويشرفني مثل هذه الدعوة واريد شكر كل أحد أخذ من وقته ليسمع ويشارك ويناقش.
الشبكة البريطانية الفلسطينية للصحة النفسية قدمت عمل عظيم منذ عدة سنين من الآن، وبشكل محدد تبديل الرابط
الكولونيالي بين المملكة المتحدة وفلسطين إلى رابطة عقلية أخلاقية، لذلك فهو عمل محترم جداً حقاً.
شكر خاص يذهب لجوين ومارتن لكل النشاطات والتزامهم بصداقتهم للشبكة البريطانية الفلسطينية للصحة النفسية
ولجهودهم المستمرة لجعل دعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي الفلسطيني مسموع ومرفوع بطريقة
موثوقة به ومهنية، لرفع قضية الصحة النفسية في فلسطين ك قضية للعدالة والحرية، وللاصرار على الرابط الغير
القابل للكسر بين الصحة النفسية والحرية والعدالة. إنها مهمة شجاعة للمقاومة الأخلاقية والسياسية في وقت اسكات
واغضاب الآخرين المصظهدين أو بعضهم بشكل خاص التي تُطلِع السياسة الدولية والمناظرات العامة والأجندة
الأكاديمية.
كما تحدثت جوين فأنا أعمل في المستشفى الانجليزي في الناصرة في قسم الطب النفسي، القسم الوحيد بنوعه في
المتجمع العربي الفلسطيني في إسرائيل وفي عيادة العلاج النفسي للمشفى (مركز معنا) ، مركز معترف به للتخصص
في علم النفس السريري(clinical)، يُدار المركز بواسطة زميليتي نجلاء أسمر والفريق المُدهش من معالجين
وأطباء نفسيين في مراحل مختلفة في رحلتهم المهنية، خبرتنا في هذا المركز تَلقَّت الثقافة والانتباه من أصدقائنا ستفن
شيحة ولارا شيحة الذين كتبوا ورقة رائعة وانتشرت في اصدار المجلة الدولية لدراسات التحليل النفسي التطبيقية
International Journal of applied psychoanalytic studies بعنوان: بلدة المستوطنين هي بلدة بُنيَت
بقوة: فانون في فلسطين ( The settlers' town is a strongly built town: Fanon in Palestine) .
الشكر الكثير لهم. في نفس الإصدار ستجد ورقة شيّقة للغاية وأريد القول أنها تأسيسية بواسطة مارتن كيمب Martin
Kemp تحت عنوان صِدام التحليل النفسي مع الاستعمار الاستيطاني في فلسطين / إسرائيلThe
psychoanalytic encounter with settler colonialism in Palestine/Israel .
في الثلاثين الدقيقة القادمة سأبدأ بعرض اشكالية مفهوم النكبة الذي سأتوسع به قليلاً وسأضع بالاعتبار بعض من
المظاهر السريرية والاجتماعية على الرغم من أن هذه التعابير يجب أن تتلقي بشكل بدائي وتمهيدي وعام في هذا
الموضوع الذي لا يزال غير مستكشف.
أتمنى أن نبني نقاشاً لتبادل الأسئلة والأفكار، سوف أتحدث عن بعض المظاهر النفسية والنفسية الاجتماعية في
النكبة لأنها تحدث في سياق سريري عائلي واجتماعي. سوف تُبني على أساس ملاحظات سريرية وبحثية .
التحدث عن كارثة ذات طابع حميمي (Intimate disaster) في ظل وقت الكورونا، يمكن أن يؤدي إلى ارتباط
مؤلم لا مفر منه يتعلق بالتباعد الاجتماعي و مصافحة أيدي العالم. لأننا جميعًا نشهد هذا بطريقة ما أو بأخرى. من
ناحية أخرى، أزمة فيروس الكوفيد19 تغطي وتركب العديد من الجوانب للصدمة الاستعمارية للنكبة كالفقر و
العنصرية المُمأسسة، قبل عدة الأيام مدير الوحدة الحكومية لأزمة كوفيد 19 في اسرائيل وصف العدد المتزايد من
الفلسطينين في اسرائيل الحاملين للفيروس ك هجوم إرهابي يتم تنفيذه بواسطة المجتمع العربي ضد المجتمع

الاسرائيلي، بعد ذلك قد اعتذر، ولكن ملاحظته العنصرية كشفت لمرة أخرى الطبيعة العميقة لكيف أن الأكثرية هنا
بالمجتمع تتصور عن الأقلية الفلسطينينة في ظل الظروف المُهدِدة.
* سوف أتحدث بالانجليزية ولكن سأقوم بمشاركة بعض الشرائح بالعربي أيضا*
سأقوم بمشاركة بعض الشرائح على الشاشة. هذه صورة رمزية عن النكبة بالأبيض والأسود، في الذكرى الاثنين
وسبعون من النكبة مصور فلسطيني بلال خالد قام بفكرة مبدعة حيث لوَّن صور النكبة حتى تكون تجربة النكبة
عاطفياً قادرة على الوصول إلى الناس اليوم، نتيجة التلوين مبهرة، يمكن أن تجد الكثير منها على الانترنت، اكتسبت
تجربة النكبة من خلال اعادة احياء الالوان بعض من التعقيد والعمق، تصوِّر الصور اللحظة الأولى بانهيار و سير
البشرية، لا يستطيع الشخص أن يوصفهم، الواحد منا يصبح عاطفياً أقرب من صدمة النكبة في كلاً من الجوانب
المتجمدة والمُستجابة، النكبة ليست حدث بل بناء استعماري استيطاني مع آليتها الثقيلة في القضاء على هذا الموقف
وبالذات الممارسات المطبقة على الموضوع الفلسطيني، كل أنواع العنف تم استخدامها، سياسياً واقتصادياً ومؤسساتياً
وثقافياً واجتماعياً.
النكبة تتكون من مفهومين بجوانبها السياسية والاجتماعية: الصدمة العابرة للأجيال و صدمة استعمارية مستمرة
عنصرية. كانت الصدمة عبارة عن تأثيرات مضاعفة عنصرية على جميع المِحن الأخرى العادية أو غير العادية في
الحياة. إذا أنت مريض نفسي وتُقدم على حقوق التأمين الاجتماعي يمكنك أن تواجه عنصرية مُمأسسة أو يمكنك
مواجهة نظام متحفظ عنصري، الناجيين من العنف المحلي هم الناجيين من العنف العِرقي، الناجيين من الصدمة
الجنسية هم أيضاً ناجيين من الصدمة الاستعمارية، مرة أخرى ، يُقصد بالنكبة هنا أن تكوِّن صدمة استعمارية خبيثة
تنشأ على كل طبقة من طبقات الحياة النفسية والاجتماعية للفلسطينيين. نراها مُنعَكسة على في العلاقات الزَوجية وفي
الاكتئاب الطفيف والكبير كحالة اكتئاب وفي الشعور السائد بالقلق والأمان وعدم اليقين، في التجربة المتواصلة
باللجوء العاطفي والفقدان المُلتبَس، هذا مُنعكس في العنف المنزلي والعنف المُجتمعي، في حالة الرضا عن العنف
الرمزي الذي يمارسه جهاز الدولة علانيةً وضمنياً.
هناك طالب شاب يُدعى آرام كان يتعارك ل العديد من السنين من صدمة مًدّمِرة وعلاقة معقدة جداً مع والده
النّرجسي الغير عاطفي، في أحد الجلسات تحدث عن شعور متزايد في الاختناق يشعر به حديثاً، وبعد ذلك كشف عن
سر عائلي يتعلق بجدته التي تعاني من مرض الانفصام الشخصي-السكيتسوفرينيا-(Schizophrenia)، كانت
ضحية لجريمة كولونيالية مُروعة، بينما كانت تقاوم القوات العسكرية التي كانت تصادر أرضها في الجليل، حيث تم
ربطها من شعرها ل مركبة عسكرية وتم سحبها لحوالي 200 مترحتى قام أحد من القرية بالتدخل وحمايتها من موت
نتيجة الجَر ولكن لم يحمِها من جنون متوقع. مكثت في المشفى للعديد من السنين بعيداً عن أطفالها، في وقت محدد
ابنها الشاب، أب المريض آرام، نقلها إلى المنزل حيث يعيش ليقوم بالاهتمام بها كما كان معتاداً منذ كان طفلاً، القصة
بالأغلب لم يتم الإخبار بها، إنها موجات مدمرة عميقة وذات طابع حميمي يبدو أنها تغمر ديناميكية الأسرة عبر
الأجيال مما أدى إلى عرقلة العملية الفردية والعائلية وإلى إصابة العلاقات الأسرية الحميمة. العمل الكولونيالي في
مصادرة الأراضي محفورة في جسم ونفسية العائلة.
الاعتداء على الأرض والجسم الذين كلاهما جسداً للإنسانية ذاتها. كان من المقرر أن يًترجم العنف الجسدي المُهين
مع الدلالات الجنسية المهينة في عرض عام من عابر للأجيال إلى إرث دائم من الصدمة وجمود العلاقات. تجربة
الصدمة لآرام ستكون مضاعفة بواسطة الصدمة العابرة للأجيال. هذه الهشاشة ستكون مليئة بشكل مؤلم بعار
وغضب عابر للأجيال، تتحدث عن الطرق ذات الطابع الحميمي الذي تسببت به هذه الكارثة الجماعية والتي يتم
تمثيلها أو فصلها بواسطة الأفراد، الشعور بالاختناق الذي شعر به المريض آرام لا يمكن فصله عن الصدمة العابرة
للأجيال وعن شعور الاختناق الذي تشعر به العائلة بأكملها، حبه المُحبَط والحاجة الفردية تبدو كأنها تُركت و شُوْهَت

بالتاريخ العائلي المؤلم، والذي أدى إلى الإهانة و إلى الصدمة النفسية. طريقة تقديم النكبة التي عرفت الصدمة داخل
جلسة العلاج ألقت ضوءً جديدًا على معاناة هذه الأسرة. يمكننا أن نرى تأثيرات واستجابات النكبة عبر الأجيال في
العديد من الحالات السريرية، على الرغم من أن هذه الآثار موجودة ومتغلغلة للغاية إلا أنها ليست مؤلمة بشكل
حصري، غالبًا ما يتعايش العنصر المؤلم في ذات منبعثة من جديد.
هناك مريضة أخرى لدي التي أتت لجلسة علاجية ، كانت غاضبة ومُحبَطة، أتت بعد بعض من الأيام ل تشريع قانون
الجنسية الاسرائيلي الذي يُقلِص الحقوق الجماعية للفلسطينين في اسرائيل بإهانة لغتهم العربية ووضعهم في حالة غير
متساوية. في الحقيقة، تعمَّد القانون بعزل الفلسطينين في اسرائيل خارج الشعور الجماعي بالذاتية والمجتعية،
المريضة تُعاني بصراع داخلي بالنسبة لمشاعرها الغير المسموعة والغير مرئية بشكل كافٍ لم تتحمل شعور الإهانة
للصمت النشط الجَسيم، وبالأكيد هذا الخضوع يأتي عن طريق القانون، شعرت بالغضب والقلق بسبب التمييز
العنصري المُمأسس، يعكس هذا القانون قسوة عنف شخصي آخر في حياتها الشخصية، كان تجريم انتمائها إلى
مجتمع ما يعني تجريم شخصيتها كامرأة وإجبار حياتها الداخلية وإحساسها العميق بالإنسانية على أن تكون غير
مرئية وسرية وفي الواقع مؤلمة.
للعديد من العقود، السرد الفلسطيني المُشتَرَك التتقليدي للنكبة التي كانت من الأساس عن طريق الإخبار بالتفكيك
الجيوسياسي والاجتماعي الثقافي في فلسطين عام 1948، إما عن طريق التجربة أو استعادة الذاكرة الشخصية
بواسطة الجيل الأول أو استقبال ما بعد الذكريات بواسطة الجيل الثالث والرابع، ولكن تم تحت سياق اصراري أكتر
في آخر عقدين من الزمن كمعضلة مستمرة و صمود عنيد من الفلسطينيين في أماكن مختلفة داخل وخارج فلسطين
التاريخية، المعاناة والكفاح من أجل الحرية وعودة اللاجئين والحريات الفردية والجماعية وضد الأبارتهايد (نظام
الفصل العنصري) والتطهير العرقي.
سأقوم بمشاركة بعض الأفكار عن النكبة وبحثي الدكتوراة الذي يتم عقده بجامعة بريطانية وأطلق عليه "من نموذج
الصدمة التاريخية إلى نموذج الحصانة المركبّة العابرة للأجيال"، بحثي عن النكبة يتضمن العائلات الفلسطينية الذين
يعيشون في اسرائيل وشمال اسرائيل، العائلات النازحة داخلياً، والبحث يعتمد على مقابلات عميقة مع ثلاثة أجيال من
العائلات الذين دعوتهم للمشاركة في بحثي، لقد تلخصت فكرة جديدة أو نظرية جديدة التي بطريقة ما تشكك بحصرية
الخطاب المثير للألام للنكبة، واتباع نموذج يُصوِّر الاستجابة للشدائد\المِحَن بأساليب وطرق أكثرشمولية بما في ذلك
الاستجابات الصادمة استجابات الحصانة و المحنة المنشطة للاستجابات، باتباع هذه النموذج كنت قادر على تحديد
استجابات مختلفة للنكبة والتي أنا أشهدها بالأغلب في العمل السريري وسوف أؤؤكد وأشرح على استجابات معينة،
هناك ثلاث استجابات إيجابية جديدة ومُطورة بعد النكبة وهم بوصلة العودة وعبقريّة الفقدان وتعزيز الإحساس بالهوية
الثقافية، وهناك استجابات حصانة كالارتباط بالأرض والمكان و التلاحم الاجتماعي، أما بالنسبة للاستجابات السلبية
والمؤذية كالفقدان المُلتَبَس والقلق العابر للأجيال، سوف أشير قليلاً إلى إلى فكرة بوصلة العودة، بوصلة العودة تشير
إلى إعادة تنشيط طبيعة التوتر الذي لم يتم حلُه بين مفهوم الوطن المنظوري والمستقبلي، الوطن ك مكان أتيت منه و
ومكان تحِن أن تحصل عليه، وبالنسبة لفكرة العودة إلى اللأماكن الأصلية تزود أيضاً في حالة الفلسطينين شعور
مستقر للهوية في عالم مُهدِدْ، تماسك ذاتي وجماعي مًسيطر عليه والقدرة على التنبؤ والفوضى عبر حياتنا، بينما
عبقرية الفقدان تُشير إلى النجاة والابداع والحيوية والتي لُخِصَت بواسطة الرواية المُبدعة الفلسطينية (المُتشائل) التي
تُقدم بُعداً للمحنة المُنشطة للتطور (Adversity Activated Development AAD) ، هذا يقاوم الحدود ،
ويتخطى العتبة المعروفة للفرد إلى الإدراك التحولي الجديد والمعروف وغير ثنائي التفرع للذات والعلاقة ومعنى
الحياة. ملخص كل هذه التصورات تؤدي إلى اكتساب طريقة جديدة للفهم والحديث والربط والتي ترقى إلى نظرية
معرفية جديدة.

السرد المنتقل عبر الأجيال لا يثتثني ولا يقلل من حالات الاستجابات السلبية والهشاشة تجاه النزوح الداخلي المرتبط
بالحرب، ولكنه يؤكد ويظهر تصوراً وتفسيرًا أكثر توازناً للأحداث والهوية، شخصيًا وجماعيًا، تحديد دعم الحاجة
إلى الانخراط بشكل أكثر شمولاً وأقل تخصيص ثنائي تزامناً مع التأثيرات النفسية العابرة لللأجيال للمعاناة
الاستعمارية على السكان الأصليين.
تستثمر الديناميكية بين الأجيال في النكبة المتعلقة بالنزوح. يبدو أن القدرة المطورة عبر الأجيال للمناقشة
بالاختلافات السردية والتفاوض بشأنها واحتوائها يبدو أنها تُوفر للعائلات النازحة وظيفة متوازنة رئيسية. بينما
يمتص الجيل الثاني المخاوف الاندماجية (fusional anxieties (وعبر اسكات الجيل الثالث. يبدو أن الجيل الثالث
أكثر تميزًا من حيث التعامل مع ذكريات ما بعد الجيل السابق ومتطلبات الولاءات النَقْدية غير المرئية. الاختلاف في
مستوى العائلة يمكن أن يُدار أيضاً على مستوى المجتمع من اندماج المجتمعات الفلسيطينية النازحة. بملاحظة عامة
أكثر، التشكيك من اضعاف وتهميش حوار الصدمة وسياسة الصدمة في سياق المهاجرين لا يجب أن يشتت الانتباه
عن المعاناة الحقيقية وهشاشة وضع الأشخاص النازحين داخلياً والمهاجرين والمُضعَفين والمُحتَّلين تحت مُسمى
السياسات الاجتماعية الغير خاضعة للمسائلة.
واحدة من النساء من الجيل الأول الناجي من النكبة، تُحدثني عن مواجهة جابهتها مع أحفادها الشباب، يخططون
للذهاب إلى قريتهم التي شُرِّدوا منها ولتنظيم نشاط للرجوع إلى قريتهم، أتوا إليها ليأخذوا مشورتها والمرأة أخبرتني
أنها أرادت أنت تخبر أحفادها الشباب الذين مازالوا متعلقين بقريتهم أن يقولوا للجنود الاسرائيليين أن هذه أرضنا
وهذه أرض أجدادنا وأجداد أجدادنا وهذا الإرث تم مزجه ب عَرَق أجدادنا لأن هذه أرضنا.
التجربة الجماعية من التكافل بين الذات والأرض المفقودة وبين الجسد والتراب الذي تم مصادرته، تجسيد حميم
ومواجهة للهوية النفسية الاجتماعية، يتم إضفاء الطابع الاجتماعي عليه، ويتم تقديمه للجيل القادم مع المساواة
الميثولوجية له، وتم نقله إليهم على أنه إرث دائم وقابل للتدمير. يهدف فعل الإمساك بالأرض والإبلاغ عنها إلى
الإشارة إلى الأرض وإعادة صيانتها على أنها مساحة معيشية ومشتركة ومتجسدة وهوية غير محايدة ووطن كمجال
مفاهيمي دلالي ومتجسد في لفتة انتماء اتصالية للغاية.

From 00:43:04 in the video

فقرة النقاش

جوين:

شكراً مصطفى، كان طرحاً غنياً.من الصعب أن أعرف من أين أبدأ لأنها على مستويات متعددة ودقيقة، من ناحية فَداحة النكبة، و أيضاً من ناحية الأثار العاطفية على كيف الناس يفكرون ويشعرون.

كنت فقط أتسائل إذا كنت مصفى قد ذكرت أو وجدتها صياغة مساعدة لاميل حبيبي في ذكره عن (المتشائل)،
أتسائل إذا كنت تستطيع تزويدنا بكيف يمكنك أن تستخدمها ك موضع حالة في عملك ولنفسك عندما تتحدث مع العائلات؟

مصطفى:

المتشائل وهي كلمة قد صاغها الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي ، حقيقةَ انها تؤكد وضع سياسيي موجود ومعقد للفلسطنيين بشكل عام والفلسطنين بالداخل المحتل بشكل خاص، وهي أيضاً وضع مضطهد للحقيقة الكولونيالية، حيث تحاول تصوير الصورة الأكبر والتعامل مع العناصر السيئة تزامناً مع العناصر الايجابية التي تتوارثها ك فلسطيني مُحتَّل و مُستَّعمَر، يمكن أن تشهد الكثير من التعابير المختلفة، وتعبر عن المقاومة ك جزء من التعود بدون فقدان هويتك، وبدون أن تكوِّن فكرة رومانسية عنه، ويمكننا أن نراها أيضاً في العائلات عندما يأتي الشباب بأشياء تتعلق بعائلاتهم و لتفلبات الظروف داخل عوائلهم، يمكننا تشجيع ودعوة السرد الأقل ثنائية من ناحية الأفراد والعائلات والمجتمع.

جوين:

أتذكر أنك تحدثت عن الأشخاص الذين تم ترحيلهم ف يالنكبة ويعيشون خارج أراضي الداحل المحتل في غزة ولبنان و دول أخرى، الكثير من الأشخاص الذين أنت تعمل معهم أتخيل بما أنك تعيش في الناصرة فلابد أن صدمة النزوح من قرى قريبة جداً من الناصرة، وأنا فقط أتسائل ما هي الأثار على الناس الذين يعيشون بالقرب من القرى التي تم طردهم منها وتم تدمير أغلب هذه القرى، كيف ترى هذه مختلفاً من الأشخاص الذين لا يعيشون بالقرب من الأماكن التي هاجروا منها؟

مصطفى:

سؤال شيق وغني جداً، من الناحية الشخصية، أنا وعائلتي لم أكن نازح (جسدياً) ولكن في كتباباتي أنا أشكك بفكرة المهاجرين، لا يجب أن تكون نازح جسدياً ليتم اعتبارك مهاجراً، قريتي شفا عمر وأيضاً الناصرة من المناطق الفلسطينينة الوحيدة التي لم يتم احتلالها، ولكن عائلتي وكل العائلات الفلسطينية لهم الكثير من القصص عن التعرض لتبعات النكبة، مثلا جدي الأخير تم طره الى لبنان، ولكن رجع بعد سنة من ذلك، واسمع قصص من أمي و أبي، أمي اسمها ناجية والتي تعني النجاة، النجاة من حرب 1948، لذلك لدينا الكثيرمن ردات الفعل تجاه النكبة والصدمة حتى لو يتم نزوحك جسدياً، كما للنازحين الذين يعيشون بالقرب من الأماكن التي نزحوا منها، لقد ذكرتها قبل ذلك عن الفقدان الملتمس، وأيضاً ممكن أن تنطبق على تجربة كل فلسطيني ولكن بالخصوص لأولئك الذين يعيشون ويعملون بالقرب من تلك الأماكن التي تم تهجيرهم منها، هذا ظرف لا يمكن تحمله الذي يمنعك من التوقف من عزاء نفسك على الفقدان ، أنت باستمرار وكل يوم تواجه هذا الفقدان المُلتَبَس، جسدياً أنت هناك، ولكن تم مصادرة مكانك، أنت جزء من هذه الأرض بأكملها،ولكن أنت منفصل عنها بشكل سياسي ومؤسساتي عن طريق تهجيرك وتهديدك، إنها تجربة فريدة من نوعها، التي تعقد بشكل أوسع الحزن الذي لم يتم حسمه بكونك فلسطيني في إسرائيل وفي مكان آخر.

جوين:

كنت أفكر وأنت تتحدث عن أهمية استرجاع كل القصص والأحداث التي حصلت في فلسطين، في احياء ذكرى النكبة والاصرار على عدم النسيان و استعادة الاحساس بتلك الاماكن التي حاولت السلطة الاسرائلية مصادرتها جسدياً، وبعد ذلك كنت أفكر كم من خطير للدولة أصبح احياء هذه الذكرى، لأن احياء ذكرى النكبة أصبح الآن ضد القانون، كيف تعتقد احياء الذكرى سيكون؟و ما الاختلاف التي تصنعه في حياة الفلسطينين؟

مصطفى:

نعم، هناك دراسة مزدهرة عن دراسات الذاكرة بواسطة فلسطينين، الذاكرة سلاح ووسيلة مقاومة ضد النسيان، وهي تعبير عن المقاومة في وجه تصاعد العنف السياسي والتهديد المستمر من كونك مُهجراً، والوسيلة الأخرى هي التحدث ضد الصمت، قول الحقيقة قوة، التواصل مع العالم عن قضيتنا، عن مجتمع الصحة النفسي للعالم، كل ذلك جزء من نهج الصمود ضد الصدمة والألم المستمر والأساليب الكولونيالية (الاستعمارية) التي تحدث كل يوم.

فدوس:

شكراً مصطفى لهذا الطرح الغني، لدي سؤالين لك، السؤال الأول عن القلق المنتقل عبر الأجيال إلى العائلة والأفراد والمتجمع، هل يمكنك التوسع في هذه النقطة حول نوع التواصل التي تؤثر على نقل القلق عبر الأجيال؟هل تم نقلها عن طريق الصمت مثلاً؟أو أن يكون الشخص عدواني أكثر؟ أو من خلال طرق أخرى، لأنه هناك الكثير من الأبحاث التي تدور حتى عن نقل هذه الصدمة من خلال الجينات، هل يمكنك توضيح هذه النقطة؟

والسؤال الآخر: أنت كفلسطيني مختص بالمعالجة النفسية تتعامل مع القلق العابر لللأجيال وتساعد زبائنك أو المرضى للتخلص من الصدمة و بنفس الوقت تريد أن تحتفظ بذكرياتك وسردك، كيف يمكنك إدارة هذه المعضلة الأخلاقية؟ في وضعك كفلسطيني وناشط حقوقي وكمعالج نفسي؟

مصطفى:

بالنسبة لموضوع الصمت ومشكلة التواصل، إن في العائلات التي كانت صدمة النكبة يتم التحدث والنقاش فيها عبر الأجيال يمكننا أن نشهد ردات فعل أكثر صحية ومتوازنة وإيجابية، وبالأخص بواسطة الجيل الثالث، لذلك الصمت أو الكبت النفسي مُتنبيء سيء جداً من ناحية الصدمة العائلية العابرة للأجيال، الكثير من العائلات التي قابلتها استطاعوا ربط الصدمة بالنشاط السياسي وسرد قصص النكبة وتعليم الجيل الشاب.


لستُ متأكداً أنني فهمت السؤال الثاني، وضع المعالجة النفسية في التعامل مع الفلسطينين، أعتقد أن المعالجين النفسيين الفلسطنيين عليهم صقل الاستماع المُعالج نفسياً لصدمة النكبة، خطاب داخلي واحد في كل مريض، أعتقد أنه من المهم أن نأخذ النكبة في عين الاعتبار كمعالجيين نفسيين فلسطنيين، من المهم أن نضع فرويد وفانون في عين الاعتبار، كلاهما معاً، في هذه الطريقة نزود وضع علاجي أكثر أخلاقي وأكثر تأثيراً.

لمى:

مصطفى بدعت وهكذا كان طرحك دائماً، هذا الطرح كان مدهشاً ومؤثر جداً، بالعادة لا أحب مشاركة ذلك ولكن تأثرت بشكل عميق جداً، وبتمنى إني ما أبدأ بالبكاء الآن، لأننا لا نتحدث عن النكبة، أن ابنة النكبة، أجدادي تم تهجيرهم في 1948 من شرق القدس، وبعد ذلك مرة أخرة في عام 1976، وأجد أنه من جيل أمي، الجيل الذي غادر المكان، لا يريدون حقاً التحدث عن النكبة، لأن الحديث عن النكبة محبط ومؤلم كثيراً، لدي طفليين، ابني عمره ثمانِ عشرة عاماً، أصبح مكافحاً فلسطينيناً نابضاً بالحياة، والده من إيطاليا، لذلك تم تربيته هنا (في ايطاليا) وحتى لا أتحدث الكثير من العربية معه، وهو أعطاني صوتاً يجب أن أقوله، وأعتقد أن ما حصل، أنا ولدت وربيت في الأردن، وغادرت من 35 عاماً مضى، كان عمري سنة واحدة، أمزح، ولكن بكل الأحوال، هناك مصطلح يُسمى الاستعمار(الكولونيالية) الالكترونية، الاستعمار في كل مكان، ولقد تعلمت ذلك من فترة مبكرة جداً، أول انتقال لي كان في لندن، وتعلمت منذ البداية أن لا أذكر فلسطين! يجب أن أصمت! لا أعلم! ولكن طرحك قد لمس شيئاً عميقاً بداخلي، لا أجد الكلمات المناسبة لها، ابني يساعدني لأن أجد هذه الكلمات، على الرغم من أنه يدرس الكيمياء الحيوية ولكن يدرس الكثير عن الفلسفة السياسية والكولونيالية، هو الذي يعطيني الكلمات لأٌعبِّر عن أشياء لم أستطع التعبير عنها، وطرحًكَ لمس شيئا ً بداخلي أعرف أين هو ولكن لا أعلم كيف أعبر عنه! حقيقةً ليس هناك كلمات! لقد تعلمت منذ زمن بعيد أنه يجب أن تنسى فلسطين، يجب أن تنسى هذه الصدمة الكبيرة المَهُولة، التي أريد أن أقول عنها أنها دمرَّت عائلتي بمستوى عميق جداً، تعلمت من خلال العمل مع Palestine Global أن ما فعلته الكولونيالية وبالذات ما يفعله الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين التاريخية تجعلك في موضع لا تستطيع التفكير فيه،أنت فقط تتعايش! للكثير من الناس، ربما ليس كل الناس. ونفس الشيء هنا، ممكن من الشكل الظاهري ترون أنني ناجحة وأعمل جيداً، ولكن على مستوى ما تشعر بأنك فقط تتعايش، لا أعلم إذا كنت سأخسر أطفالي في الغد، هناك شيئاً أمي تقوله لي باستمرار عندما ترى ابني ناشطاً في القضية الفلسطينية: إذا ما قتلوكِ سيقتلون أطفالك! ما هو أسوأ من ذلك يمكن للأم أن تسمعه! أقصد إذا لم تهتمِ أنت بنفسك، اهتمي بأطفالك.بكل الأحوال، شكراً جزيلاُ مصطفى.

جوين:


شكراً لمى، هذا كان مثير للمشاعر جداً.

مصطفى:


شكراَ لمى لهذا، أعتقد أن أسوأ شيء عندما تبدأ بكبت جزء من نفسك، إسكات نفسك كأنك تقتل جزء منها، يجب أن يتم مواجهة هذا الأمر سواء بحياتك اليومية أو بالعيادة النفسية.

جوين:

سأضيف شيئاً، ما قالته لمى كان قوياً، الأجيال تؤثر على بعضها البعض، ولذلك أفكر بما قلته عن اسكات النفس للأجيال الأولى وعن التقوية أو التعزيز من الأجيال الأخيرة، كنت أفكر بشجاعة ابنك وصموده، ولكن أيضاً يؤثر بكِ على الرغم من خطورته، أعتقد أن هذا محرك للمشاعر ومؤذي بشكل لا يتصور بالطريقة التي يحدث بها داخل العائلة. وربما أريد إضافة شيء آخر، نحن بكل تأكيد لا نريد إسكاتك. أعتقد أن الناس تم اخبارهم بطرق متعددة ليسكتوا بالحديث عن فلسطين، ولكن نحن لن نسمح بذلك. هناك سؤال آخر من مارتن.

مارتن:

هذه ليست قصة جديدة، ولكن هناك اهتمام كبير في الأشهر الأخيرة، عن الألم والاسكات الذي عاناها المعالجين النفسيين السود والمتدربين السود على مر السنين ضمن مؤسسات البريطانية للصحة النفسية وكانت هذه القضية مؤرضة للغاية في الأشهر الأخيرة كما قُلت، جعلتني أتسائل عن كونها في داخل مجتمع يدعم الحقوق المتساوية و الاعتراف بالتنوع وما إلى ذلك، ما هو المعادل من التجربة التي يمكن أن تكون للفلسطنيين المتدربين والذين يعملون في مثل هذه الخدمات في أراضي ال 48 في اسرائيل، أتسائل إذا يمكنك التحدث عن ذلك؟

 

مصطفى:

هل تقصد المعالجين النفسيين الفلسطينين المهنيين في اسرائيل؟

مارتن:

أقصد بالطريقة التي يتعرض لها الفلسطنيين من خلال عملهم في مكان يسوده أغلبية معينة من ناحية فرق عمل وزملاء، حيث العلاقات، كيف التاريخ والمفهوم الأيديولوجي والسياسي يؤثر على تجربة الانسان في العمل بجانب البعض؟

مصطفى:

تقصد على علاقة الفلسطنيين بالزملاء الاسرائليين اليهود؟ صحيح؟

هذا موضوع معقد ويستحق انتباه خاص، لأنه معقد، ولكن في العديد من المرات يمكن فعله، شيء شيق للغاية، لدينا، وليس الكثير، من الزملاء، المُلمين بمستويات مختلفة عن هذه المواضيع التي طرحناها، و يحاولون أن يكونوا منفتحين لعقدة الموضوع بأنه يتم تدريبهم كمعالجين نفسيين داخل اسرائيل، وأعتقد تجربة مركز Mana Centre هي تجربة مميزة، ونحن نحاول لتطوير وحدة تدريب تضمن لنواحي أوسع للمفاهيم السياسية للتدريب، لأنه في أماكن أخرى يمكنك التدرب والتعامل معها، ولكن يجب عليك عملها بالتعاون مع جزء جيد للمشاكل الجَدلية بين اليهود الاسرائليين والفلسطينين، لدينا تجارب مختلفة بهذه القضية، ولكنها تحدي كبير أن تكون جزء منها، أن تكون مثلا معالج فلسطيني يعالج مريض يهودي اسرائيلي، ربما يكون لديك يهودي اسرائلي مشرف والعكس صحيح، انه تحدي ومميز جداً، أعتقد لها ثمن ثقيل جداً.

جوين:

هذا يذكرني بالمظاهرات للمحاولة في عمل تدريبات للصحة النفسية عابرة للثقافات في جامعة أريئيل وهذا نوع من الإهانة ومثال جيد على ما يتعرض له الفلسطينيون

مصطفى:

نعم هذا التيار السائد للاعلام في إسرائيل الآن، أي أن الاسرائيلين يتغاضون و ينكرون قضايا سياسية وأخلاقية حاضرة، ولكن بنفس الوقت نجد بعض الزملاء الذين نتشارك معهم في بعض المبادرات ولكن هم مجموعة قليلة جداً. لذلك نعم قضية جامعة أرئيل كيف أنهم نظام استعماري معمي واستفزازي وأخرس حتى داخل نظام الصحة النفسية.

جوين:

شكراً مصطفى على كل ما طرحته، ولكن نحن نطمع بالمزيد إذا تفضلت بمشاركة بعض من أشعارك معنا.

*مصطفى يلقي الشعر باللغة العربية *